التاريخ والميزات الأدبية والدينية سفر المكابيين الاول
يختتم الكاتب مؤلفه بإحالة القراء على كتاب أيام الكهنوت الأعظم في شأن مآثر يوحنا هرقانس واعماله الأمر الذي يوحي باستعمال هذا المصدر بعد وفاة يوحنا هرقانس في السنة 140 قبل الميلاد لكن كاتب سفر المكابيين الاول لا يشعر بانه بعيد عن الاحداث أنه وضع كتابه حوالي سنة 100 قبل الميلاد وعلى كل حال قبل سيطرة روما والا لكان الثناء عليها غريباً بعد السنة 63 قبل الميلاد في
سفر المكابيين الاول الفصل الثامن
وسمع يهوذا بآسم الرومانيين أنهم رجال ذوو بأس ويعطفون على كل من ينضم إليهم وكل من جاءهم صادقوه وقصت عليه حروبهم وما قاموا به من مآثر في قتال الغاليين وأنهم أخضعوهم وفرضوا عليهم الجزية وما فعلوا في بلاد إسبانية وآستيلاؤهم على معادن الفضة والذهب التي هناك وأنهم آستولوا على البلد كله بفضل فطنتهم وطول أناتهم مع أن ذلك البلد كان بعيدا جدا من ديارهم وكان كذلك أمر الملوك الذين جاؤوا من أقاصي الأرض وأغاروا عليهم فقد سحقوهم وضربوهم ضربة شديدة وأما سائر الملوك فإنهم يحملون إليهم الجزية كل سنة وقد سحقوا فيلبس وفرساوس ملك كتيم في الحرب وكل من قاتلهم وأخضعوهم وسحقوا أنطيوخس الكبير ملك آسية الذي زحف لقتالهم ومعه مئة وعشرون فيلا وفرسان ومركبات وجيش كثير جدا وقبضوا عليه حيا وضربوا عليه وعلى الذين يملكون بعده جزية كبيرة ورهائن من وقت إلى آخر ونزعوا منه بلاد الهند وميديا ولود وخيار بلادهم وأعطوها لأومينيس الملك ولما هم اليونانيون أن يسيروا لمقاتلتهم بلغهم ذلك فأرسلوا إليهم قائدا واحدا وحاربوهم فسقط منهم قتلى كثيرون وسبوا نساءهم وأولادهم ونهبوهم وآستولوا على أرضهم وهدموا حصونهم وآستعبدوهم إلى هذا اليوم وأما سائر الممالك والجزر التي قاومتهم فإنهم دمروها وآستعبدوا سكانها ولكنهم حفظوا المودة لأوليائهم والذين آعتمدوا عليهم وتسلطوا على الملوك قريبهم وبعيدهم وكل من سمع بآسمهم خافهم ومن أرادوا مؤازرته وتمليكه ملكوه ومن أرادوا خلعه خلعوه، فعلا شأنهم كثيرا ومع ذلك كله لم يلبس أحد منهم التاج ولا آرتدى الأرجوان فى مباهاة به ووضعوا لهم مجلس شورى يتداول فيه كل يوم ثلاث مئة وعشرون رجلا يتداولون على الدوام في أمور الشعب للمحافظة على نظامه وهم يفوضون سلطانهم وسيادة أرضهم بجملتها كل سنة إلى رجل واحد ويطيعون جميعا هذا الواحد وليس فيهم حسد ولا منافسة فآختار يهوذا أوبولمس بن يوحنا بن أكوس وياسون بن ألعازر وأرسلهما إلى رومة ليعقدا مع الرومانيين عهد الصداقة والتحالف ويرفعا عنهم النير لأنهم رأوا أن مملكة اليونان قد آستعبدت إسرائيل استعبادا فذهبا إلى روما في سفر طويل جدا ودخلا مجلس الشورى وتكلما وقالا إننا مرسلان إليكم من قبل يهوذا المكابي وإخوته وجمهور اليهود لنعقد معكم عهد تحالف وسلام ولتجعلونا في عداد حلفائكم وأصدقائكم فحسن الأمر لديهم وهذه نسخة الكتاب الذي دونوه على ألواح من نحاس وأرسلوه إلى أورشليم حتى يكون عندهم تذكار سلام وتحالف الفلاح للرومانيين ولأمة اليهود في البحر والبر للأبد وليبعد عنهم السيف والعدو إذا قامت حرب في روما أولا أو عند أي كان من حلفائها في كل آمتداد سيادتها فأمة اليهود تحارب معها بكل عزمها كما تقتضيه الحال ولن يعطى المعتدون ولن يقدم لهم قمح ولا أسلحة ولا فضة ولا سفن هكذا حسن لدى الرومانيين ويحافظون على هذه الآلتزامات من دون أن يأخذوا شيئا وكذلك فإن وقعت لليهود حرب أولا فالرومانيون يحاربون معهم بكل عزمهم كما تقتضيه الحال ولن يعطى المعتدون قمحا ولا أسلحة ولا فضة ولا سفنا هكذا حسن لدى الرومانيين ويحافظون على آلتزاماتهم من دون غش على هذا الكلام عاهد الرومانيون شعب اليهود وإذا شاء هؤلاء أو أولئك أن يزيدوا على هذا الكلام أو يسقطوا منه فيفعلون برضاهم وكل ما زادوا أو أسقطوا يكون ملزما أما الشرور التي أنزلها بهم الملك ديمتريوس فقد كتبنا إليه قائلين لم ثقلت النير على أصدقائنا وحلفائنا اليهود؟فإن عادوا يشكونك فسننصفهم ونقاتلك بحرا وبرا
كان الكاتب يهودياً من فلسطين وهو يقلد انشاء المؤلفات التاريخية القديمة والنص اليوناني يعكس مؤلفاً أصلياً سامياً يكاد ان يكون من الاكيد انه عبري
ان نهضة العبرية في ايام الحشمونيين يشهد لها ادب قمران وفيه مقصورة على فن المدارشيم الشعبي والوصايا وفي طريقة النظر الى التاريخ دليل على روح المحافظة المركزة على الأمة اليهودية فعهد النبوة قد انتهى والأفق الأخيرية والمشيحية لا وجود لها فلم تبق في ذلك الزمان الا في الأدب الشعبي والرؤيوي وبينما نرى كاتب سفر المكابيين الثاني يهتم قبل كل شيء بالهيكل فان كاتب سفر المكابيين الاول يظهر اهتماماً دائماً بالشريعة وهو لا يفصلها عن العهد فان حفظ اليهود الشريعة ونبذوا العادات الوثنية حتى ببذل نفوسهم حصلوا على خيرات العهد واذا كان اسم الله لا يذكر مراعاة لحرمته فالانتصار لا يأتي الا من السماء كان كاتب سفر المكابيين الاول من انصار الحشمونيين ولكنه يبدو غريباً عن الخلافات القائمة بين الفريسيين من جهة والصدوقيين وأصحاب السلطة من جهة أخرى انه يثني في كلامه على شيعة الحسيديين ولكنه لا يشير الى شيعة الأسينيين الناشئة عنها والحال أنه كان للفريسيين والصدوقيين والأسينيين وجود على عهد يوناتان على حد قول يوسيفس ولذلك فان التقوى الخالية من التعصب تجعل كاتبنا شاهداً اصيلاً لما كان للعهد القديم من قيم ثابتة
اعداد الشماس سمير كاكوز
تعليقات
إرسال تعليق